
«الشروق» تونس: فيما فقد مئات العمال مورد رزقهم وأغلقت عشرات المحلات التجارية تحوّل المدخل الغربي للعاصمة إلى كابوس لآلاف السيارات التي تعبر يوميا هذا الشريان الحيوي بسبب انحصار حركة المرور وتفاقم عمليات السطو والنشل في واضحة النهار.
وبالنتيجة تحوّلت «المصلحة العامة» إلى نقمة على مئات الآلاف من سكان الضاحية الغربية والعابرين لمفترق «بن دحّة» الشهير بسبب تأبيد أشغال كل من القطار السريع الرابط بين ساحة برشلونة والزهروني وإعادة تهيئة المدخل الغربي زائد بلطجة شركات المقاولات التي تمردت على كل معايير الأشغال العمومية.
بل إن حالة الفوضى العارمة في هذه البقعة التي لا تبعد أكثر من أربع كيلومترات عن قلب مدينة تونس ترسّخ انطباعا بأن تلك المشاريع لن تكتمل أبدا وأن منظومة الانتقال الديمقراطي عاجزة عن تحقيق أي إنجاز حقيقي رغم أن كل الأعمال التحضيرية بما في ذلك توفير الاعتمادات اللازمة لشبكة القطار السريع وسلسلة المحولات على المدخل الغربي قد استكملت قبل 2011 وهو ما يرشح تونس لدخول موسوعة «قينس» حيث لم يسبق في العالم أن استغرق مد سكة حديدية على مسافة خمسة كيلومترات أو بناء بعض المحولات زهاء العشر سنوات دون أن يصل إلى غايته.
نشل في وضح النهار
وبالنتيجة حكمت الدولة على مستعملي الطريق السريعة الغربية بالسير في الظلام الدامس ليلا من مفترق حي هلال إلى مفترق الزهروني بسبب تدمير شبكة التنوير العمومي فيما انقرضت كل مظاهر الحياة من مفترق الطريق الشعاعية Xإلى المحطة النهائية للقطار السريع الواقعة قبالة محكمة تونس2 بفعل غلق أغلب المحلات التجارية وتحول مفترق «بن دحّة» إلى بؤرة للنشل والكلاب السائبة والفواضل بسائر أنواعها فيما يتعرض سواق السيارات إلى حرق أعصاب بسبب انعدام الإنارة والإشارات المرورية وبطش النشالين في الليل والنهار على حد سواء كما أدت الطريقة العشوائية في تنفيذ أشغال القطار السريع إلى إلحاق أضرار فادحة بعدة شبكات عمومية مثل التطهير والتنوير العمومي.
أحياء في الظلام
والأخطر من ذلك أن ما بدأته وزارتا التجهيز والنقل أكملته بلدية تونس حيث تغرق أحياء بطم طميمها مثل بوقطفة1 وجلاص والسلامة في الظلام الدامس بفعل توقف شبكة التنوير العمومي فيما عادت بقوة خلال الأسابيع الأخيرة ظاهرة تراكم أكداس الفضلات ويكاد يتحول سيلان المياه المستعملة على الطرقات إلى قاعدة في خضم حالة الدمار التي لحقت شبكة التطهير فيما لم تحرك بلدية تونس ووزارة الشؤون المحلية ساكنا إزاء انقراض شبكة الطرقات الداخلية داخل الأحياء التي بنيت منذ تسعينات القرن الماضي وكان من المفروض أن ي-بدأ استصلاحها منذ 2010
تسخير الجيش
وبالمحصلة فإن ما يحصل اليوم في الضاحية الغربية للعاصمة نتيجة عجز الدولة عن تحمل مسؤولياتها هو أشبه بحالة الدمار التي تحصل بسبب العدوان الخارجي أو الحروب الأهلية كما يرسّخ انطباعا بأن منظومة الحكم القائمة لا تريد أن تفعل شيئا فما المانع على سبيل المثال من تسخير الجيش الوطني لإتمام القطار السريع وتهيئة المدخل الغربي ما دامت المقاولات الخاصة قد عجزت عن استكمالها رغم انقضاء قرابة ستة أعوام على الموعد المفترض لدخول شبكة القطار السريع حيز الاستغلال بل إن المملكة المغربية التي أرسلت وفدا إلى تونس عام 2010 للاستئناس بتجربتها في تطوير النقل الحديدي قام ملكها في مارس الفارط بتدشين القطار السريع.
Commentaires
Enregistrer un commentaire