يعتبر التغيير حتمية تعترض حياة المنظمات في الظروف الراهنة، إذ لا مفر منه وإلاّ لن تتمكن المنظمة من الصمود والاستمرار. ويأخذ التغيير المنظمي أشكالاً مختلفة حسب المجال الذي يتم فيه وحسب العناصر التي يمسها. كما يعتبر التطوير المنظمي أحد أشكال التغيير الهادفة إلى نمو المنظمة وتحسين أدائها.
مفهوم التغيير التنظيمي
نجد مفاهيم مختلفة لهذا المصطلح، نورد البعض منها فيما يلي:
- التغيير عامة هو التحول من حال إلى حال، والتغيير في المنظمات أو التغيير المنظمي يعني التحول أو التنقل أو التعديل من حال إلى حال أخرى.
- يمثل التغيير تحركاً ديناميكيا بإتباع طرق وأساليب مستحدثة ناجمة عن الابتكارات المادية، والفكرية ليجعل بين طياته وعود وأحلام للبعض، وندم وآلام للبعض الآخر، وفق الاستعداد الفني والإنساني. وفي جميع الأحوال نجد أنّ التغيير ظاهرة يصعب تجنبها، وهو لا يخرج عن كونه استجابة مخططة، أو غير مخططة من قبل المنظمات للضغوط التي يتركها التقدم والتطور الفني الملموس وغير الملموس في الماديات والأفكار.
- كما يعرفه عبد الباري درة بأنه: ” عملية إدخال تحسين أو تطوير على المنظمة بحيث تكون مختلفة عن وضعها الحالي، وبحيث تتمكن من تحقيق أهدافها بشكل أفضل”.
- أما علي السلمي، فيعرف التغيير المنظمي كما يلي: “هو إحداث تعديلات في أهداف وسياسات الإدارة، أو في أي عنصر من عناصر العمل، مستهدفة أحد أمرين هما: ملاءمة أوضاع المنظمة وأساليب عمل الإدارة ونشاطاتها مع تغيرات وأوضاع جديدة في المناخ المحيط بها، وذلك بغرض إحداث تناسق وتوافق بين المنظمة وبين الظروف البيئية التي يعمل فيها. أو استحداث أوضاع إدارية وأساليب تنظيمية وأوجه نشاط جديدة تحقق للمنظمة سبقا عن غيرها من المنظمات، وتوفر له بالتالي ميزة نسبية تمكنه من الحصول على مكاسب وعوائد أكبر”.
انطلاقا من هذه التعاريف، نلاحظ أنّ التعريف الأول هو تعريف عام لمصطلح التغيير، أما التعاريف الأخرى فهي تلبي غرضنا منها وهو مفهوم التغيير المنظمي، وكخلاصة لها نقول أنّ التغيير في المنظمة أو التغيير المنظمي هو عملية تحسين وتطوير وإدخال تعديلات على كل ما يخص المنظمات من أهداف، سياسات وعناصر العمل بغرض استحداث أوضاع داخلية تحقق الانسجام والتوافق بينها وبين الأوضاع الخارجية قصد اكتساب ميزة تنافسية والتفوق على المنظمات الأخرى.
أنماط التغييـر التنظيمي
يأخذ التغيير المنظمي عدة أنماط، يتم تصنيفها وفقاً للمعايير التالية:
1-حسب الأسباب: تنقسم الأسباب المؤدية للتغيير إلى ثلاث مجموعات رئيسية هي: أسباب أو ضغوط خارجية، مشاكل داخلية ودافع السيطرة على المحيط، ويتم حسبها تصنيف التغيير المنظمي إلى ثلاث أنمـاط:
- تغييـر استجابـة لضغوط خارجيـة: في هذه الحالة قيام المنظمة بالتغيير أمر حتمي وليس اختياري، إذ أنه ليس بإمكانها الاستمرار والنشاط دون تحديث وتجديد وسط منظمات منافسة ذات أساليب إدارية وإمكانيات حديثة متطورة؛
- تغييـر هادف لحل مشاكل داخليـة: تواجه المنظمات مشاكل داخلية تتسبب في تدني مستوى أدائها مما يدفعها إلى تغيير داخلي يحل هذه المشاكل ويحسن أدائها؛
- تغيير بهدف السيطـرة على المحـيط: يحدث هذا التغيير بدافع من المنظمة، ووفق إرادتها دون ضغوط خارجية أو داخلية، وذلك قصد تأثيرها في المحيط وإحداث التغيير فيه لصالحها.
2-حسب أسلوب مواجهـة تغيـرات المحـيط: وفق هذا المعيار بأخذ التغيير ثلاث أشكال هـي:
- تغيير مخـطط: تقوم المنظمة بتخطيط للتغيير عندما تتنبأ بحدوث تغييرات جديدة في المحيط تؤثر في نشاطها، ولهذا تستعد لمواجهتها. وتقصد بالتغيير المخطط ذلك الإجراء الإداري الهادف إلى إحداث تعديل معين ومحسوب في المنظمة أو أحد عناصرها وفقاً لخطة زمنية وعلى أساس تفكير وتقدير لتكلفة التغيير ومتطلباته من ناحية والفوائد المترتبة عليه من ناحية أخرى.
- تغييـر دفاعـي: تقوم المنظمة بهذا النوع من التغيير لتتكيف مع ما يحدث من تغيرات في محيطها لتتمكن من الاستمرار والمحافظة على مكانتها. هذا النمط من التغيير يعتبر تقليدياً وهو يأخذ شكلاً من أشكال ردود فعل المنظمات للدفاع عن وجودها.
- تغييـر هجومـي: هذا النوع من التغيير يحدث دون ظهور تغيرات في محيط المنظمة، فهو سباق للتغيير، والقصد منه التحكم والسيطرة على المحيط والتأثير فيه بفرض أوضاع وظروف جديدة من قبل المنظمة.
3-حسب مدة إحـداث التغييـر: يصنف التغيير إلى نوعين:
- التغييـر التدريجـي: يكتمل حدوث هذا التغيير في المنظمة تدريجياً على امتداد فترة معينة وفق وتيرة منتظمة، ويتعلق بالأخص بالمجال الإنساني، ويبلغ هذا النوع من التغيير فعاليته القصوى، إذا أصبح عملية مستمرة تطبق على المنظمة بأكملها.
- التغييـر الجـذري: هو التغيير المفاجئ والعارض، إذ لا يستغرق مدة طويلة ويتميز بتركه لآثار ظاهرة. وتطبق المنظمات هذا النوع من التغيير خصوصاً في المجال التجاري أو عند القيام بالتغيير الهيكلي.
مجالات التغييـر التنظيمي
يمكن للمنظمة أن تحدث التغيير في مختلف عناصرها الداخلية التي نصنفها إلى أربع مجالات رئيسية:
- التغييـر الاستراتيجـي: يحدث التغيير في هذا المجال على استراتيجيات المنظمة بما فيها الاستراتيجية الكلية للمنظمة، استراتيجيات الإدارات الفرعية والاستراتيجيات الوظيفية. وللتوضيح أكثر نأخذ التعريف التالي للاستراتيجية:
الاستراتيجية عبارة عن مجموعة القرارات المتعلقة بتخصيص الموارد والوسائل اللازمة لتحقيق أهداف محددة على المدى البعيد.
انطلاقا من تعريف الاستراتيجية، نستخلص أن التغيير الاستراتيجي هو التغيير في قرارات المنظمة المتعلقة بعملية تخصيص الموارد، وأيضاً تغيير الأهداف المسطرة. ومن أمثلة هذا التغيير تقديم المنظمة لمنتجات جديدة أو دخول أسواق جديدة.
- التغيير الهيكلـي: يتمثل التغيير الهيكلي في تغيير الهيكل التنظيمي للمنظمة، وأيضاً هياكل الإدارات الفرعية وتوزيع الوظائف. كما يشمل مصادر اتخاذ القرارات، درجة الرسمية والمركزية، نطاق الإشراف والعلاقات ما بين العمال. بالإضافة إلى الأنظمة المتبعة في المنظمة مثل: نظام المكافآت، تقييم الأداء، ونظم الرقابة.
- التغييـر التكنولوجـي: تقوم المنظمة بالتغيير التكنولوجي لمواجهة الأوضاع الجديدة واقتناء التكنولوجيات التي تعود عليها بالفائدة، كتخفيض التكاليف، تحسين الجودة والالتزام أفضل بمواعيد تسليم الإنتاج. ويتمثل التغيير التكنولوجي في إدخال وسائل إنتاج حديثة أو تغيير طرق وخطوط الإنتاج. كما أنه يتعدى وظيفة الإنتاج، حيث أن المنظمات حالياً تقوم بتطوير طرق ووسائل الاتصال باقتناء وسائل وتقنيات الاتصال الجديدة. وأبعد من ذلك، توصل التقدم التكنولوجي إلى تطوير طرق المعاملات منها: طريقة تحويل الأموال والدفع بوسائل الكترونية، وأيضاً القيام بالصفقات التجارية عبر شبكة الإنترنت (التجارة الإلكترونية)، هذه الشبكة التي تخدم جميع المجالات مثل تقديم برامج التعليم والتدريب.
- التغييـر الإنسانـي: يعني التغيير الإنساني تغيير الأفراد القائمين بالعمل ويأخذ شكلين:
- تغيير الأفراد بالاستغناء عن بعضهم وإحلال غيرهم في محلهم؛
- التغيير النوعي للأفراد، وذلك برفع مهاراتهم وتنمية قدراتهم أو تعديل أنماط سلوكهم وقيمهم وكل الجوانب السيكولوجية في العمل من خلال نظم التدريب والتنمية البشرية وبتطبيق قواعد المكافآت والجزائيات التنظيمية.
Commentaires
Enregistrer un commentaire